القوامة بين الامس واليوم
لطالما تأرجحت مسألة القوامة على كفتي ميزان الفهم وسوئه خصوصا في عصرنا الحالي عصر المتغيرات والمستجدات والعولمة التي غيرت مفاهيم أزلية وحرفت بدهيات شكلت فيما مضى اساسيات بل مقومات اجتماعية
وقبل ان نخوض في غمار بحر هذا الموضوع يجدر بنا ان نتعرف على المفهوم اللغوي والاصطلاحي لهذه الكلمة التي انقلبت موازينها في عصرنا الحالي:
القوامة في اللغة من قام على الشيء يقوم قيامًا:
أي حافظ عليه وراعى مصالحه، ومنذلك القيِّم، وهو الذي يقوم على شأن شيء ويليه، ويصلحه، والقيم هو السيد، وسائس الأمر،
وقيم القوم:
هو الذي يقوّمهم ويسوس أمورهم، وقيم المرأة هو زوجها أو وليها
لأنه يقوم بأمرها وما تحتاج.
أما معنى القوامة اصطلاحًا:
فهي ولاية يفوض بموجبها الزوج تدبير شئون زوجته،
والقيام بما يصلحها.
ونستشف هذا المعنى جليا في ديننا الحنيف الذي ركز على ضرورة قوامة الرجل على المرأة حيث قال الله تعالى من سورةالنساء الاية 34( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً)
وليس الغرض من ذكر الجانب الديني هو شرحه او تحليله او التوسع فيه ولكن هوفقط دليل شرعي مفروض بنص قرأني علينا اتباعه كوننا ننتمي الى مجتمع اسلامي
هذا المجتمع الحالي الذي تبرج واسقط عنه سترته الدينية وأصبح فاضحا مكشوفا على الاعين المريضة التي تختلس النظر اليه وهو يتمايل ويترنح وكأنه يرقص على حطب ملتهب فلاهو يتلذذ برقصه ولا هو ينجو بنفسه ويبتعد عن النار
هذا للاسف هو حال مجتمعنا الذي لم يرض بهويته واصبح يبحث عن جنسيات وهويات مختلفة تتبناه
وكي لا نذهب بعيد عن موضوعنا الاساس وتجرفنا تيارات الكتابة الى الانهار الامازونية فتلتهم قاربنا الورقي وتغرقنا في احشائها نعود أدراجنا الى مشكل القوامة بين الامس واليوم
بالامس لم يكن هناك جدال في الموضوع بل لم يكن هناك طرح له أساسا فقد كان الرجل قائما وقيما على منزله قائما بحاجيات اسرته قيما على راحتها وامنها لانه كان المصدر الاساسي لدخل الاسرة فهو العامل خارج البيت وهو المكلف بتأمين اللقمة لها وبالتالي فقد كانت المرأة سيدة في بيتها تتصرف داخل نطاق الدائرة الاقتصادية لدخل زوجها
لكن دوام الحال من المحال تطور المجتمع وتغيرت المفاهيم واستبدلنا جلد نا ولبسنا اكبر من مقاسنا فتعثرنا في اذيال اثوابنا وسقطنا ارضا
الان اصبحت المرأة عاملة لها دخلها الخاص الذي يبعث فيها الاحساس بالقوة وبالتالي البحث عن السلطة فتحاول انتزاعها من رفيق دربها الرجل فتتزعم انقلابا اسريا عليه لتحظى بمقاليد الحكم ظنا منها ان الدخل المادي هو الذي مصدر القوامة
وكلامي هذا لا يضع المرأة في قفص الأتهام ويذنبها بالخيانة العظمى وبالتالي فهو لا يبرأ نصفها الاخر بل هناك منهم/وهم كثيرون/ من اتخذوا من عمل المرأة دريعة للتملص من قوامته بل منهم من يتخلى عنها طامعا في الرقود بسلام فتجده يلقي بجبل المسؤولية على المرأة ولا يأخذ من دخله سوى ثمن سجائره ومقاهيه
والقارئ لهذا الموضوع يلمس تلك العلاقة الوثيقة بين الجانب الاقتصادي والقوامة مما يدل على ان مجتمعنا اصبح ماديا بالدرجة الاولى
ولا بأس ان ابدي رأيي في النهاية كوني اولا انتمي الى هذا المجتمع المريض الذي يتأوه من الم اختلاط المفاهيم واعدام المبادئ وثانيا كوني انثى عاملة وجدت نفسها قائمة قيمة ليس بسبب تخلي نصفها الاخر ولكن بسبب الظلم الاجتماعي الذي يفرض علينا ثنائية القوامة
واختم كلامي بقوله تعالى:"لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ"(البقرة:)286
1 التعليقات:
التــربيـة الناجحة
ما لم ينشأ الإنسان خليفة الله في أرضه في تـربيته ونشأته في هذه الحياة..
ويتربي في سياسته ،.. وفي اقتصاده ،... وفي اجتماعيه...وفي ثقافته
وفي كل شؤون حياته على رضا الله تعالي وحبه لن يبلـغ النجاح... وإن نجح
والذين يزعمون استقامة الحيـاة لهم وأنهم يحكمون بالحق والعدل وهم يسعون في الأرض فسادا ويحسبون أنهم يحسنون صنعا والذين يشعرون بالراحة والاقتنـاع بأنفسهم والوثوق بأفكارهم والانطلاق وراء أهوائهم ، والذين يتوجهون في كل شؤون حياتهم إلى خـط غــير خط الله تعالي ليحققوا كل هذه الغايات في الحياة .. إنما يطلبون السراب لأنفسهم [وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون]