الثلاثاء، 14 سبتمبر 2010

فات الميعاد_الجزءالاخير_


مرت الايام والشهور والسنوات وسلوى غائبة حاضرة،حاضرة بعقلها وقلبها والسؤال عن طفلها وغائبة بجسدها وحضنها وقلبها وحنانها
كبر ابراهيم في جو هادئ جميل ملؤه الحب والوئام حفظ القران الكريم على يد الشيخ الجليل وانتقل الى المرحلة الابتدائية وكان دائما من المتفوقين
تميز ابراهيم بهدوئه وميوله للعزلة لكنه كان طيبا خدوما كلما عاد من المدرسة لا يتوانى عن مساعدة "ام أحمد" التي اثقلها المرض فكان لها ابراهيم نعم المعين ونعم الولد الصالح المطيع الذي لا يفلت فرصة في ارضاء والديه والبر بهما
تسلل الشباب خلسة الى جسد ابراهيم فتفرعت قسمات جسده وبروت ملامح الرجولة على محياه فارتفع طوله واشتد عوده
وكانت "ام احمد"كلما مر من أمامها صاحت"ماشاء الله،تبارك الله"
كان جميل المحيا أسود الشعر قمحي اللون كان الريف مرسوما على ملامحه
أصبح ابراهيم المعيل الوحيد للاسرة فالكبر قد اقعد الشيخ في البيت و"ام أحمد" ما تكاد تنهض من مكانها لتهيء الطعام وتعود للرقاد
لم يتتم ابراهيم تعليمه بل اشتغل ليعيل اسرته التي اعتبرها دائما ركيزته في الحياة لكنه لم يكن مرتاح النفس فكثيرا ما تسائل عن سبس تلقيب امه بأم أحمد رغم انه الولد الوحيد واسمه ابراهيم
وفي يوم ربيعي مزهر وبينما يراق اباه العجوز في فسحة يستنشق فيها الهواء العليل ويخفف عن جسده وطأة المرض الذي نخره كما ينخر السوس الخشب ، جمع ابراهيم شجاعته وطرح السؤال على ابيه لم يندهش هذا الاخير من استفسار أحمد بل جاوبه مباشرة وكأنه كان ينتظر هذه اللحظة وأخبره انه لم يكن الابن الوحيد لهما بل سبقه اخوه احمد لكنه توفي بسبب الحمى في سن الثالثة ومن هنا جاء لقب والدتك
ارتاح احمد للجواب وكتفى به واغلق الباب على كل الاسئلة التي تدور في خلده
كان ابراهيم يستيقظ في الفجر يصلي وبعدها يتوجه الى عمله في مصنع الحديد والصلب في البلدة المجاورة وفي يوم وهو عائد من العمل
وجد حشد من الناس مجتمعين امام المنزل واخرون يدخلون ويخرجون هرول مسرعا واذا ببعضهم يتقاذفونه من حضن لاخر وهم يرددون "البقاء لله" "الدوام لله" "كل نفس ذائقة الموت"
تعابير وجمل تناثرت هنا وهناك لم يستوعب منها الا شيئا واحدا هو الموت
من مات ياترى؟ أهو والدي؟ام أمي؟
سؤال ظل رفيقه وهو يزيح عنه احضان الوافقين دفع باب الغرفة فوجد جتثين ممدتين على الارض ملتويتين في كفن ابيض ورائحة المسك والبخور تملأ الغرفة اقترب من الجتثين وسقط ارضا على ركبتيه وهو مصدوم "كيف يموتان معا؟ " كيف ينسحبان من حياتي دون سابق انذار"
اشئلة كثيرة تقاذفت الى رأسه لم ينقذه منها سوى يد خليفة ابيه في المسجد الذي الموضوعة على كتفه وهو يصبره على مصيبته ويوضح له ان الوفاة جاءت نتيجة اختناق بغاز القنينة التي نسيت ام أحمد اطفائها بعد ان انسكب الحليب عليها وظل الغاز متسربا في الغرفة حتى ملئها وغادرها يحمل روحين كانتا سندا لابراهيم
صرخ ابراهيم من هول الفاجعة صرخة اقشعرت لها أجساد الحاضرين
مر ما تبقى من اليوم سريعا وكسا السواد وجه السماء وجلس ابراهيم وحيدا في المنزل المكون من غرفتين ومع اذان الفجر كان ابراهيم خارج المنزل يحمل حقيبته ويغادر الى محطة القطار ليمتطي صهوة المجهول ويغادر الى وجهة لا يعلمها الا الله سبحانه وتعالى
وبعد يومين من مغادرته القرية جاءت شابة رفقة سيدة في اوائل الخمسينات من عمرها تسألان عن الشيخ الجليل الذي كان يسكن هذا البيت المغلق فأخبروا ان الشيخ وزوجته توفيا وابنهما الوحيد غادر القرية ولا احد يعرف الا اين
سقطت المرأة على الارض وهي تصرخ"تأخرت"


5 التعليقات:

جايدا العزيزي يقول...

الله يا شهر زاذ

حقيقى ختامها مسك

انا اضريت اقرأ باقى الاجزاء

تسلم ايديك

انتظر جديدك

تحياتى

شهرزاد يقول...

جايدا والله انا بموت في اسمك
تسلمي لي وتسلم لي ها الطلة

mrmr يقول...

حلقه كلها حزن
انا بكيت فعلا واتاثرت بموت الشيخ وزوجته
وايضا حزنت لتاخر سلوى
يا ترى هل ياتى اليوم ليلتقيا مره اخرى

فى انتظار باقى الحلقات

اسلوبك رائع للغايه
يسلم القلم وصاحبه القلم
تصبحى على خير

شهرزاد يقول...

والله يا مرمر القصة وقفت معي لهذا الحد
اوعدك اني اكتب لك قصة تضحكك حتى القهقهة
دمت دائما مبتسمة

Unknown يقول...

هلووووووو